الخميس، 17 يوليو 2014

خطاب الصحوة السعودية

خطاب الصحوة السعودية 

مقاربة لمواقفها من العلمانية والديمقراطية

والمخالف الفقهي والعقدي

من مقدمة المؤلف
هذا البحث يعني بدراسة الخطاب الصحوي السعودي وتحليله تحليلا علميا بقصد الوقوف على مضامينه وآليات اشتغاله وكيفيات بنائه
وينطلق البحث من كون الصحوة تيارا دينيا وفكريا  مهيمنا إلى حد بعيد على الساحة الدينية في السعودية
ومؤثرا في الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية فيها بصورة مركزية
ومما لاشك فيه أن تزايد أهمية هذا التيار وجه أنظار الدارسين إليه تنقيبا عن منشئه وأصوله الفكرية والاجتماعية والحركية ومراحل تطوره ومآالاته المحتملة خاصة مع امتداد تأثيره في العقدين الأخيرين إلى مناطق واسعة من العالم الإسلامي
ومما اعتنيت  به محاولة التعرف على سر جاذبية هذا التيار وقوته الإقناعية ومآتي قدرته على استقطاب جموع من المؤيدين من العوم ومتوسطي الثقافة رغم فشله السياسي الواضح في جل تجاربه كما حصل ويحصل في الباكستان وأفغانستان والصومال ومالي
وقد اخترت لهذا البحث مدونة تشمل على جملة من النصوص الصحوية الفاعلة في السنوات الأخيرة أنتجها بعض شيوخ الصحوة من أبرزهم سفر الحوالي وعبدالرحمن المحمود زناصر العمر وعبدالعزيز العبد اللطيف وعبدالعزيز الطريفي ومحمد الهبدان وفؤاد العبد الكريم ورقية المحارب وإبراهيمال سكران وفهد العجلان وآخرون

وقد قسمت البحث إلى خمسة فصول متكاملة
أولها لدراسة المنعرجات الفكرية لتيار الصحوة
والثاني للتعرف على جانب مهم من المباحث العقدية في الخطاب الصحوي لاسيما الموقف من فرقتي الأشاعرة والرافضة
والثالث لتحليل أهم المباحث الفقهية التي عني بها خطاب الصحوة
الرابع لرصد مواقف التيار الصحوي من العلمانية وما يندرج تحتها من مفاهيم
الخامس حصيلة لقراءتنا في الخطاب الصحوي ومنطلقا لتصور خطاب إسلامي جامع يكون أكثر توازنا ونضجا مما سبقه من خطابات

الجمعة، 11 يوليو 2014

صورة الإسلاميين على الشاشة

صورة الإسلاميين على الشاشة

 

صورة الإسلاميين على الشاشة
“الإسلاميون الذين يصرون على أن يبقوا إسلاميين ولا ينتقلون للتماهي المطلوب= يختلف منهج التعامل معهم بحسب الموازنات النفعية. وطبيعي جداً ألا تتساوى درجة التعامل والمواجهة مع كل تيار من تيارات الإسلاميين، وطبيعي جداً أن المتغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية سوف تتحكم في درجة ومنهجية التعامل، خاصة مع المرونة الشديدة التي تتيحها السياسة الحديثة وفق أسسها البراجماتية.

فالقوى المهيمنة غربياً، والحكومات المركزية بشبكات علاقاتها= قد تقرب هذا الإسلامي وتباعد ذاك الإسلامي، في خطوات محسوبة بدقة وفق المقتضيات المصلحية لإدارة الصراع؛ فسترى التيارات القتالية وقد تم تقريبها في ثمانينات الأفغان، والتيارات السياسية وقد تم تقريبها في ألفية الأتراك، وعقب ثورة تونس ومصر، والتيارات الدعوية المجتمعية يتم تقريبها في أوقات متفرقة لمنع تمدد التيارات السياسية مجتمعياً، ولمواجهة تيارات العنف فكرياً= إلا أن الجميع بالنسبة لهم يمثل خطراً، سواء كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لأنه مسلح وعنيف، أو كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لأنه يصارعهم على السلطة بأدواتها، ويزاحم شرعيتهم السياسية، أو كان الإسلامي الذي يمثل خطراً؛ لانشغاله بسؤال المجتمع بصورة تهدد التجانس الثقافي المجتمعي الذي تدير الدولة خيوطه حتى لا يشكل المجتمع وثقافته تهديداً لمصالحها.

. هناك ثابت واحد خلف مظاهر التغير في سياسات التعامل والمواجهة، هذا الثابت الواحد هو: ليس ثمة إسلامي يمكن الرضى عنه إلا حين يكف تماماً عن أن يكون إسلامياً

مراجعة لإبراهيم السكران  من صيد الفوائد
ذكر المؤلف أنه في اختياره لعينة الأفلام محل الفحص راعى فيها شهرة هذه الأفلام وتداولها الجماهيري لتكون ممثلاً نموذجياً وعينة دالّة، ويبتعد عن ثغرة الاختزال والأمثلة الاستثنائية.
كما شرح المؤلف في الفصل الأول العلائق المضمرة بين تغطية الإسلاميين على الشاشة وبين المفاهيم الصراعية السياسية والحضارية في الفكر الغربي.

ومن أجل فحص عينة دالّة من المواد السينمائية فإن الباحث يحتاج إلى عدة مفهومية وأدوات منهجية للفحص، وقد شرح الباحث في الفصل الثاني حزمة من الأدوات التي استعملها كالمنهج الوصفي وسيميولوجيا السينما وتحليل الخطاب، وأشار إلى أنه يوظفها بطريقة تخصيبية بما ينسجم مع موضوعه واحتياجاته ولا يلتزم فيها بكامل شروطها الفنية التقنية، وهذا الفصل فصل تنظيري غني يطور إمكانيات القارئ في تأويل المشهد الإعلامي الفني، وأشار فيه المؤلف إلى مفاهيم الصورة النمطية ونظرية دوامة الصمت ومفهوم الفيلم كنص ونظريات علائق السلطة بالمعرفة وغيرها، وناقش المؤلف ظواهر أشد تعقيداً، ومنها: كيف يكون كاتب النص السينمائي هو ذاته ضحية تزييف وعي مسبق؟ وتفسير ذلك.

وأما (السينما الأمريكية) التي خصص لها الباحث الفصل الثالث فقد اختار مجموعة أفلام أنتجت كلها بعد أحداث سبتمبر، ونقل المؤلف عن مجلة فاريتي خبر اجتماع مسؤولين من البيت الأبيض بتنفيذيين في هوليود لتجنيد الإعلام في التحديات السياسية الجديدة لإدارة بوش.

والأفلام الأمريكية الثلاثة التي حللها الباحث تفصيلياً هي: فيلم المملكة (The Kingdom) وفيلم "كتلة أكاذيب" (Body of Lies) وفيلم الناجي الوحيد (Lone Survivor).

كما أشار في هذا الفصل إلى مقارنات وموازنات بأفلام أخرى مثل: فيلم التسليم (Rendition) وفيلم اللامعقول (Unthinkable) وفيلم سريانا (Syriana) وفيلم "منقح" (Redacted) وفيلم عين النسر (Eagle Eye) ونحوها.

وأشار الباحث إلى نمط عرض هذه الأفلام لصورة الإسلامي والوهابية والجهاد والعمليات الاستشهادية والحور العين واللحية والخليجي والمرأة الخليجية والأجهزة الأمنية المحلية، وصولاً إلى وحدات محلية صغيرة كتصوير الفيلم الأمريكي لحي السويدي بالرياض!

وفي مقابل ذلك كيف تعرض الأفلام الأمريكية الصورة الوردية للجندي الأمريكي، أو إظهار النقد بدهاء عبر تصوير الخطأ باعتباره خطأ فردي شاذ عن قيم الجندية الأمريكية المثالية، وإظهار الجندي الأمريكي في صورة البطل الذي لا يقهر، ويقارن المؤلف بإشارات عابرة صورة المثاليات الأمريكية بالوقائع الدموية المروعة التي ارتكب فظائعها الجنود الأمريكان كتراجيديا عبير الجنابي رحمها الله، أو أهوال تعذيب السجناء على يدي المحققين الأمريكان.


وجعل المؤلف المبحث الرابع في هذا الفصل لمناقشة الحجة التي تقول أن (الأفلام الأمريكية متنوعة وفيها ما ينقد السياسة الأمريكية).
وبعد أن انتهى المؤلف من تحليل (السينما الأمريكية) في الفصل الثالث، انتقل المؤلف إلى الفصل الرابع وهو عن (السينما المصرية)، وأول ملمح كثف المؤلف الضوء عليه هو أن هناك فارقاً صارخاً بين السينما الأمريكية التي تعرض الرسائل بطريقة (الحقن غير المباشر) والسينما المصرية التي تعرضها بطريقة مكشوفة فجة معدومة الرمزية والإيحاء، وبمسحة من السذاجة الفنية، ولكن المؤلف نقل معلومة مثيرة للدهشة، حيث يقول المؤلف (أشار الممثل المصري/الأمريكي سيد بدرية إلى أن صانعي السينما الأمريكية قد أخذوا صورة الإرهابي المسلم من أفلام عادل إمام) وإن كان المؤلف لا يجزم بدقتها.
ويذكر المؤلف أنه قبل انتصاف التسعينات ظهر عملان فنيان في مصر هما أهم الأعمال المؤثرة في هذه البيئة، وهما: فيلم الإرهابي (1994م)، ومسلسل العائلة (1994م). ثم قام المؤلف بتحليل مضامينهما التشويهية للاتجاه الإسلامي والمفاهيم الشرعية، وحلل تفصيلاً أيضاً فيلم (طيور الظلام)، كما قارن المؤلف ووازن بأفلام أخرى مثل: فيلم عمارة يعقوبيان، وفيلم دم الغزال، وفيلم الإرهاب والكباب، ومسلسل الداعية، وفيلم الثلاثة يشتغلونها. ويذكر المؤلف أن السينما المصرية تركّز على فكرة الشبق الجنسي لدى المتدين، وتوحي دوماً أن الفقر والفشل هو سبب الانضمام للجماعات الدينية، ويقارن المؤلف هذه الفكرة الثانية بالأطروحة البحثية التي تؤكد انتماء شباب الحركات الإسلامية إلى الطبقة الوسطى اجتماعياً!

وينقل المؤلف في هذا الفصل تجربة شخصية له حين تم التحقيق معه سابقاً في مباحث أمن الدولة كإجراء روتيني في تلك المرحلة، وهي تجربة لافتة تكشف نمط تفكير العقلية الأمنية تجاه الحركات الإسلامية، حيث يقول المؤلف أنه سأل الضابط المحقق: لماذا اعتقلتم جاري الذي ينتمي للتبليغ برغم أن التبليغ لا يهدد أي نظام سياسي؟ فقال الضابط (كلكم قريبين من بعض، التبليغ بيقوّموا الواد من على القهوة، والسلفيين بيعلّموه، والجهاديين بيسفّروه)!.
ثم حاول المؤلف في الفصل الأخير الذي سماه (اللبن المغشوش؟) أن يجيب على سؤال: ما هو النموذج الديني الذي تريده القوى المحركة واللاعبون الكبار؟ وانتقد المؤلف الإجابات الشائعة، حيث يرى أن الصيغة المقبولة لهم فقط هو من يتنازل عن الأصول الدينية ويتنازل عن الاستقلال السياسي، بشرطين: أن يكون التنازل عنهما كليهما، وأن يكون عن "قناعة" وليس براجماتية سياسية، ثم أسس على رأيه هذا تفسير سبب تفاوت المواقف الغربية تجاه الحراك السياسي في العالم العربي والإسلامي. والحقيقة أن المؤلف من الشخصيات الفريدة في تنوع التخصصات، ولو طالع القارئ كتابه التاريخي (اختلاف الإسلاميين)، وسلسلة أبحاثه حول لبرلة الإسلام (خارطة التنوير، المشروعية السياسية، الجريمة والعقوبة)، وكتابه التأصيلي (السبل المرضية لطلب العلوم الشرعية)، وأبحاثه الأصولية والعقدية المتناثرة في ملتقى أهل الحديث، لشرق بالوجوم من هذه القدرة على التأليف المبدع في تخصصات متفارقة. وهذا الكتاب، وهذه المراجعة، غرضها الأساس رصد المكر الكبار الذي قال الله عنه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا)[الأنعام:123] وقال سبحانه عنه أيضاً (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)[إبراهيم:46] وقال سبحانه عنه (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)[سبأ:33]. وليس الغرض من هذا الكتاب، ولا هذه المراجعة، تطبيع مشاهدة هذه القاذورات السينمائية، بل أوصي أخي الذي سلمه مولاه من البلوى بمثل هذا النتن الفني أن يستمر في صيانة نفسه، ويتذكر قول الله (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)[النور:30] وقول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)[لقمان:6]، والحياة قصيرة، ولقاء الله قريب، والأمر لا يستحق المغامرة.

رابط Good Reads 

Download - MediaFire

Download - Archive 


 


الاثنين، 7 يوليو 2014

التحالف الغادر - حلف المصالح المشتركة

التحالف الغادر

أو حلف المصالح المشتركة

التعاملات السرية 

بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران

تريتا بارسي


الإسم الأصلي لهذا الكتاب كما سماه مؤلفه هو 
التحالف الغادر أو الخائن 
Treacherous Alliance
ولكن المترجم غير الاسم ليتمكن من تسويق الكتاب في السوق العربية
وسماه "حلف المصالح المشتركة "
كتبه  مؤلفه عام 2006
الكتاب من أخطر الكتب التي كتبت في العلاقات الأمريكية الإيرانية
ومؤلفه أميركي من أصل إيراني  أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز

يقول الناشر: 

في عصر الخطاب الساخن وتبادل الاتهامات اللاذعة بين قادة إيران وإسرائيل، يلوح في الأفق خطر التصعيد النووي، لكن جذور العدوان يبن البلدين تحير صناع السياسة في واشنطن، علماً بأنه لم تظهر أية مسارات واعدة تشير إلى إمكانية التوصل إلى السلام بينهما. يتابع هذا الكتاب التحول في العلاقات بين إسرائيل، وإيران، والولايات المتحدة في العام 1948 ولغاية يومنا الحاضر، بحيث يغطي لأول مرة تفاصيل التحالفات السرية، والمناورات السياسية الدنيئة التي زعزعت الاستقرار في المنطقة وعرقلت مبادرات السياسة الخارجية الأميركية فيها.

ترينا بارزي، خبير في السياسة الخارجية الأميركية ورجل يتمتع بخبرة تربو على عقد من الزمن. إنه المؤلف الوحيد الذي تمكن من الوصول إلى كبار صناع السياسة الأميركيين، والإيرانيي، والإسرائيليين. يحلل بارزي في كتابه هذا العلاقات الثلاثية المعقدة التي تربط بين هذه الدول الثلاث، ويجادل بأن أمل أميركا في إرساء الاستقرار بالعراق والتوصل إلى سلام لا جدوى منه بدون فهم المنافسة الإسرائيلية الإيرانية على الوجه الصحيح.

ويقول شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلية السابق عن هذا الكتاب: "شرح رائع لواحد من أكثر الصراعات استعصاء التي نشهدها اليوم. في تحليل رصين ومبتكر، يكشف الدكتور بارزي عن الطبيعة الحقيقية للتوترات التي يشهدها المثلث الإيراني الإسرائيلي الأميركي بوصفها تلاعباً من قبل كافة الأطراف -وبخاصة الإسرائيليين والإيرانيين- على الاختلافات الإيديولوجية بغرض إخفاء ما يحتمل أن يكون نزاعاً استراتيجياً قابلاً للحل. هذه دراسة عن التلاعب بالإيديولوجية والدين في الصراع على الهيمنة على الشرق الأوسط
".
هو الكتاب الأكثر أهمية على الإطلاق من حيث الموضوع و طبيعة المعلومات الواردة فيه و الأسرار التي يكشف بعضها للمرة الأولى و أيضا في توقيت و سياق الأحداث المتسارعه في الشرق الأوسط و وسط الأزمة النووية الإيرانية مع الولايات المتّحدة. الكاتب هو "تريتا بارسي" أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، ولد في إيران و نشأ في السويد و حصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية ثم على شهادة ماجستير ثانية في الاقتصاد من جامعة "ستكوهولم" لينال فيما بعد شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة "جون هوبكينز" في رسالة عن العلاقات الإيرانية-الإسرائيلية.
و تأتي أهمية هذا الكتاب من خلال كم المعلومات الدقيقة و التي يكشف عن بعضها للمرة الأولى، إضافة إلى كشف الكاتب لطبيعة العلاقات و الاتصالات التي تجري بين هذه البلدان (إسرائيل- إيران – أمريكا) خلف الكواليس شارحا الآليات و طرق الاتصال و التواصل فيما بينهم في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات و الخطابات و السجالات الإعلامية الشعبوية و الموجّهة. كما يكتسب الكتاب أهميته من خلال المصداقية التي يتمتّع بها الخبير في السياسة الخارجية الأمريكية "تريتا بارسي". فعدا عن كونه أستاذا أكاديميا، يرأس "بارسي" المجلس القومي الإيرانى-الأمريكي، و له العديد من الكتابات حول الشرق الأوسط، و هو خبير في السياسة الخارجية الأمريكية، و هو الكاتب الأمريكي الوحيد تقريبا الذي استطاع الوصول إلى صنّاع القرار (على مستوى متعدد) في البلدان الثلاث أمريكا، إسرائيل و إيران.
يستند الكتاب إلى أكثر من 130 مقابلة مع مسؤولين رسميين إسرائيليين، إيرانيين و أمريكيين رفيعي المستوى و من أصحاب صنّاع القرار في بلدانهم. إضافة إلى العديد من الوثاق و التحليلات و المعلومات المعتبرة و الخاصة. و يعالج "تريتا بارسي" في هذا الكتاب العلاقة الثلاثية بين كل من إسرائيل، إيران و أمريكا لينفذ من خلالها إلى شرح الآلية التي تتواصل من خلالها حكومات الدول الثلاث و تصل من خلال الصفقات السريّة و التعاملات غير العلنية إلى تحقيق مصالحها على الرغم من الخطاب الإعلامي الاستهلاكي للعداء الظاهر فيما بينها.اللعبة السياسية التي تتّبعها هذه الأطراف الثلاث، و يعرض بارسي في تفسير العلاقة الثلاثية لوجهتي نظر متداخلتين في فحصه للموقف بينهم: أولا: الاختلاف بين الخطاب الاستهلاكي العام و الشعبوي (أي ما يسمى الأيديولوجيا هنا)، و بين المحادثات و الاتفاقات السريّة التي يجريها الأطراف الثلاث غالبا مع بعضهم البعض (أي ما يمكن تسميه الجيو-استراتيجيا هنا).
ثانيا: يشير إلى الاختلافات في التصورات والتوجهات استنادا إلى المعطيات الجيو-ستراتيجية التي تعود إلى زمن معين و وقت معين. ليكون الناتج محصلة في النهاية لوجهات النظر المتعارضة بين "الأيديولوجية" و "الجيو-ستراتيجية"، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المحرّك الأساسي للأحداث يكمن في العامل "الجيو-ستراتيجي" و ليس "الأيديولوجي" الذي يعتبر مجرّد وسيلة أو رافعة. بمعنى ابسط، يعتقد بارسي أنّ العلاقة بين المثلث الإسرائيلي- الإيراني – الأمريكي تقوم على المصالح و التنافس الإقليمي و الجيو-استراتيجي و ليس على الأيديولوجيا و الخطابات و الشعارات التعبوية الحماسية...الخ. و في إطار المشهد الثلاثي لهذه الدول، تعتمد إسرائيل في نظرتها إلى إيران على "عقيدة الطرف" الذي يكون بعيدا عن المحور، فيما تعتمد إيران على المحافظة على قوّة الاعتماد على "العصر السابق" أو التاريخ حين كانت الهيمنة "الطبيعية" لإيران تمتد لتطال الجيران القريبين منها.

الأحد، 6 يوليو 2014

لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب ؟

لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب ؟


صدرعن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب "لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب؟ دراسة مقارنة لدول عربية مع دول أخرى".

يحتوي هذا الكتاب الدراسات والتعقيبات والمداخلات التي شهدها اللقاء السنوي الثامن عشر لمشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، وكان موضوعه هو "الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية: دراسة مقارنة لدول عربية مع دول أخرى".

ويطرح الكتاب سؤالاً محورياً هو: "لماذا انتقلت دول عدة في جنوب وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا إلى الديمقراطية بينما تأخر العرب؟". وللإجابة عن هذا السؤال تصدى عدد من الباحثين العرب لمهمتين أساسيتين، الأولى معرفة الأسباب التي كانت وراء نجاح الكثير من حالات الانتقال من نظم حكم الفرد أو القلة إلى نظم الحكم الديمقراطي في جنوب وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، واستخلاص العبر والدروس من هذه التجارب، والثانية دراسة العقبات التي تحول دون إتمام حالات انتقال مماثلة في دول عربية شرعت في عمليات انفتاح سياسي غير أنها لم تشهد حالات انتقال حقيقية ومكتملة نحو الديمقراطية.

ولعل من أهم استنتاجات هذا الكتاب هو أن الانتقال إلى الديمقراطية في البلدان العربية يتطلب توافقاً بين القوى السياسية التي تنشد التغيير السلمي على النظام الديمقراطي بأسسه ومبادئه وآلياته وضوابطه المتعارف عليها كنظام بديل لنظم حكم الفرد أو القلة. وهذا الاتفاق يتطلب، بدوره، إيمان هذه القوى ذاتها بالديمقراطية، واعتدال خطابها السياسي، وانفتاحها على كافة القوى، ثم تكتلها من أجل توسيع قاعدة من يرون في الديمقراطية مصلحةً لهم، والضغط على السلطة بهدف خلخلة تماسكها، وإضعاف جبهة الداعمين لها، ودفعها إلى القبول بالانتقال فعلاً إلى الديمقراطية..

الخميس، 3 يوليو 2014

فلسفة الاجتماع في الشريعة الإسلامية

فلسفة الاجتماع في الشريعة الإسلامية



خلاصة هذا البحث منقولة من صفحة المؤلف على تويتر

- الكتب التي تحدّثت عن موضوع الاجتماع والاختلاف لا تخرج عن ثلاثة اتجاهات:
2- الاتجاه الأول: دراسات اهتمت بالجانب الأخلاقي وآداب الاختلاف، وهدفها: بناء المنظومة الأخلاقية التي تحكم الاختلاف في الإسلام.
3- الاتجاه الثاني: دراسات اهتمت بمباحث المحكمات وضابط الخلاف السائغ وغير السائغ، وهدفها: ضبط الشريعة وصيانتها من التحريف والتبديل.
4- الاتجاه الثالث: دراسات اهتمت بمباحث الجماعة وطاعة ولي الأمر، وهدفها: بناء مفهوم الجماعة في الإسلام والتحذير من التفرّق والشذوذ.
5- ورغم ما في هذه الدراسات من فوائد جليلة إلا أنني لم أجد دراسة جادّة جمعت شتات تلك الاتجاهات ووازنت بينها موازنة علمية كافية؛ لتُخرج لنا فلسفة متكاملة حول موضوع الاجتماع.
6- ثم إن غياب عنصر الموازنة عن تلك الاتجاهات قد أثّر على تأصيلها التأصيل الشرعي المعتدل الذي يراعي تنوّع نصوص الشريعة في معالجة مسائل الاجتماع والاختلاف.
7- ويمكن تلخيص أبرز النتائج الواردة في البحث في النقاط التالية:
8- اختطت الشريعة مسارين؛ لمعالجة الاختلاف الواقع في بني آدم؛ الأول: المسار الإصلاحي الذي يدعو إلى التوحيد وأصول الإيمان، وبيان ما يسع فيه الاختلاف وما لا يسع، وهذا المسار يمكن التعبير عنه بـ ما يضاد الكفر والبدعة. وهو الذي أسميناه في البحث بـ الاجتماع الديني.
9- والثاني: المسار التنظيمي الذي يدعو إلى لزوم الجماعة، وينهى عن الفرقة والشذوذ، وهذا المسار يمكن التعبير عنه بـ ما يضاد الفتنة والتنازع. وهو الذي أسميناه في البحث بـ الاجتماع الدنيوي.
10- معنى الاجتماع الديني من حيث الإجمال هو اجتماع الناس على لزوم الكتاب والسنة والاعتصام بهما، ومن حيث التفصيل نوعان: اجتماع على اتباع المحكم واجتماع على اعتبار الخلاف السائغ.
11- يقوم الاجتماع الديني بمهمتين أساسيتين هما: حفظ الدين من التبديل والتحريف والزوال، وحفظ المجتمع من التنازع والتقاتل والشقاق.
12- الاجتماع الديني هو المحور والمركز؛ وتتجلّى مركزيته في شيئين: أنه الغاية من خلق الإنسان، وأن مفهومه ثابت لا يتغيّر.
13- تعاملت الشريعة مع الخلاف بنوعيه (السائغ وغير السائغ) وفق قاعدتين هما: قاعدة العلم التي تحفظ معاني الشريعة وتعصمها من الاختلال، وقاعدة العدل التي تحفظ حقوق المختلفين وتعصمهم من العداوة والبغضاء.
14- معنى الاجتماع الدنيوي: تحقيق أمن المجتمع وعدالته وقوّته ومنع أسباب الفتنة والتنازع والاحتراب عنه.
15- حفظ نظام المجتمع واستدامة صلاحه وفق أحكام الشريعة هو المقصد العام من التشريع.
16- يُعبَّر عن الاجتماع الدنيوي في العلم القانوني بـ "النظام العام"، وعالجته الشريعة تحت مُسَمَّى "نظام الولاية".
17- من مفهومي "الاجتماع الديني والاجتماع الدنيوي" يتشكّل الإطار العام لفلسفة الاجتماع في الشريعة الإسلامية.
18- هذان الأصلان "الاجتماع الديني والاجتماع الدنيوي" يعضد بعضهما بعضًا للانتقال بحالة الاجتماع البشري من النقص إلى الكمال.
19- النظام العام مصطلح قانوني، ومعناه: الأسس التي يقوم عليها كيان المجتمع ويتحقق بها أمنه واستقراره.
20- النظام العام -بهذا التركيب- لم يرد في لغة الفقهاء لكن أساسه وجوهره متداول بينهم؛ لأنه يتمثّل في مجموعة من المشتركات الإنسانية التي لا غنى لأي مجتمع عنها.
21- من الأدلة الشرعية المباشرة على مضمون "النظام العام": العهود والمواثيق، ولزوم الجماعة.
22- العهود والمواثيق نوعان: معاقدة بين أفراد المجتمع الواحد، ومعاقدة بين مجتمع وآخر. والقصد منهما -جميعًا-: تحقيق الأمن والسلم المجتمعي.
23- المهمة الرئيسية لفكرة "الجماعة" في الإسلام: المحافظةُ على انتظام المجتمع وفق الشريعة ومنع أسباب اختلاله.
24- الجماعة هي الولاية التي مرجعيتها الكتاب والسنة، حيث جاء لفظ "الجماعة" في النصوص الشرعية بمعنى اتباع الكتاب والسنة "الاجتماع الديني" وجاء بمعنى طاعة ولي الأمر "الاجتماع الدنيوي.
25- ولا تناقض بين الأمرين، بل بعضهما يعضد بعضًا للوصول إلى النموذج الفاضل من الاجتماع البشري الذي يجمع بين قوة المجتمع عبر تحقيق الاجتماع الدنيوي وهدايته عبر تحقيق الاجتماع الديني.
26- معنى الجماعة في النصوص الشرعية نسبي، يشمل كل اجتماع تنظيمي يفضي إلى قطع المنازعة والاقتتال.
27- ومن ثمَّ فإن الجماعة تُطلق ويُراد بها الاجتماع على الإمام الأكبر، وتُطلق ويُراد بها ما دون ذلك من الولايات كنظام الأسرة والثلاثة في السفر وأمير البلد ونحو ذلك.
28- وبالجملة فهي تشمل كل موضع مظنة نزاع وفوضى إذا خلا من الولاية.
29- مفهوم الاجتماع أعمّ من مفهوم الجماعة، ذلك أن النصوص الآمرة بالاجتماع تتضمن الأمر بالجماعة -أصالةً-، وتزيد عليه بالنهي عن كل ما يتسبب في الفتنة والافتراق، سواء أكان تحت مظلة شرعية أم لا.
30- معنى "إذا لم تكن جماعة" الواردة في بعض الأحاديث: أي إذا لم توجد ولاية شرعية للمجتمع تحفظ تماسكه وأمنه واستقراره، وبعبارة أخرى: إذا لم يوجد نظام عام يحمي المجتمع من الفتنة والفرقة والاقتتال.
31- الحد الأدنى من النظام العام يتكوّن من ثلاثة عناصر أساسية هي: الأمن في مقابل الخوف، والقوة في مقابل تسلّط الأعداء، والعدل في مقابل الظلم، سواء في الرأي الشرعي أم القانوني أم الفلسفي.
32- تطبيق الشريعة مشروط بوجود حدّ أدنى من النظام العام في المجتمع " أي مشروط بأن لا يؤدي إلى الفوضى والاختلال"، وأن أيّ إصلاح ديني يتجاوز هذا المبدأ ينقلب إلى إفسادٍ في الأرض وإهلاكٍ للحرث والنسل.
33- وليس المراد بذلك المحافظة على نظام قائم من الاختلال فقط، بل يُراد أيضًا أنه حتى في حالة تغيير نظام قائم لابد من وجود القدرة على بناء نظام بديل يحرس الأمن والعدل والقوة ليتأسس عليه تطبيق الشريعة.
34- الحد الأدنى من النظام العام مأمور به كله، ولو تضمن في بعض تطبيقاته ما يخالف بعض نصوص الشريعة.
35- وظّفت الشريعة الإسلامية "سنة التدافع" في حمل لواء الإصلاح والدعوة للمنهج الحق عند استقرار النظام العام في المجتمع الإسلامي وقوته. فإذا ما تعرّض هذا المجتمع للخطر تحوّلت وظيفة "سنة التدافع" إلى حماية نظامه العام والذبّ عنه.
36- من أهم صور "سنة التدافع" وأعظمها: فريضة الجهاد، ولا يختلف أهل العلم في أنها مشروطة بالمحافظة على النظام العام في المجتمع المسلم، مثلها مثل أحكام الشريعة الأخرى.
37- صياغة التشريعات والتصرفات التي بها ينخرم النظام العام من اختصاص المجتمع ككل وليست من اختصاص فصيل معيّن أو طائفة مخصوصة. وهذه نقطة حساسة وجوهرية.
38- يُعتبر مفهوم الولاية من أهم الأصول الشرعية التي عالجت موضوع الاختلاف والتنازع، إلا أنه لم ينل حظه الكافي من التنظير الفقهي والعقدي، حيث انصبّت عناية كثير من أهل العلم على شكل الولاية أكثر من العناية بجوهرها.
39- تتفق كلمات فقهاء السياسة الشرعية بأن مقصود الولاية هو حراسة الدين وسياسة الدنيا، وهذا المعنى يتساوى مع مفهومي: الجماعة والنظام العام، ذلك أن هذه المفاهيم الثلاثة "الولاية والجماعة والنظام العام" تتجه نحو تقرير فكرة واحدة، وهي بناء نظام الدنيا وفق أحكام الكتاب والسنة.
40- مفهوم الولاية أوسع بكثير من اختزاله في مفاهيم "الطاعة" أو "النصيحة" أو "الحاكمية" كما هو متداول في الدرس الشرعي السائد، بل مقصده الأساسي حفظ نظام المجتمع من الاختلال والفوضى وفق نظام الدين.
41- الآلية الصحيحة لبناء نظام الولاية "النظام العام" وفق مقاصده وأهدافه التي شُرع من أجلها هي الشورى والتوافق بين مكونات المجتمع المختلفة. وفي المقابل فإن الجو الأمثل لنشوب صراعات داخلية هو الاستبداد والتفرّد بالرأي.
42- وكما أن صياغة نظام الولاية مسئولية مشتركة، فكذلك حمايته هي الأخرى مسئولية مشتركة، فعلى صاحب الولاية واجبات تجاه المجتمع وعلى المجتمع واجبات تجاه صاحب الولاية.
43- نظام الولاية ليس مفهوما واحدا، وإنما هو عبارة عن دوائر متداخلة ومتقاطعة، أي بينها عموم وخصوص مطلق أو عموم وخصوص وجهي، ويتوجب على كل دائرة أن تضع علاقات نظامية مع الدائرة الأكبر منها.
44- السلسة التي ينبغي أن تَنْظِم هذه الدوائر كلها هي قاعدة الحدّ الأدنى من النظام العام وتقديم المصلحة العليا على ما دونها من المصالح، مع أهمية العمل على التنسيق بين هذه الدوائر والتقريب بينها عبر المسار الدعوي والإصلاحي.
45- المعنى الكلي للولاية بكافة درجاتها ومستوياتها هو: الحفظ والرعاية ووضع التدابير اللازمة لمنع التنازع والفرقة والضياع.
46- ومن ثمّ فكل موضع يحتاج إلى حفظ ورعاية أو كان مظنة تنازع وفرقة؛ تُشرع فيه الولاية. وتزداد درجة المشروعية بقدر حاجة الناس إليها وبقدر إثارة الظن بوقوع الفتنة عند غيابها.