تحرير الإسلام
فهمي جدعان
يستأنف المفكّر والأكاديمي الأردني د. فهمي جدعان مهمّته-رسالته الفكرية
الإصلاحية، والتي كرّس لها أغلب إسهاماته وكتاباته، في كتابه الجديد
"تحرير الإسلام ورسائل في زمن التحولات" (الصادر عن الشبكة العربية للأبحاث
والنشر). وذلك بعد أن قدّم للمكتبة العربية مراجع قيّمة لا مجال لتجاوزها
في دراسة الفكر العربي الإسلامي.
يمكن القول بأنّ الكتاب الجديد يعكس خلاصات من التجربة الفكرية البحثية الطويلة الممتدة للمفكّر الأردني، يضعها بين يديّ القرّاء في لحظة زمنية دقيقة ومهمة (يطلق عليها جدعان مفهوم: زمن التحولات)؛ وهي لحظة الثورات الديمقراطية العربية، التي تعكس حلم التحرر والخروج من نفق الأنظمة المستبدة الطاغية، لكنّها، في الوقت نفسه، محفوفة بالمخاطر، وتحديداً ما يحيط منها بالقوالب والصور النمطية والالتباسات التي أُقحمت على الدين، وهي ليست منه، بفعل عاملين أساسين:
الأول، الهيمنة الغربية الخارجية التي ترمي إلى "حصار الإسلام"، وإعادة تشكيل واقع الاستقرار في التخلّف والعجز والتبعية.
والثاني، قوة الديني-الإسلامي (الضارب في ثلة من المواقف والتخطيطات الطاردة). والمقصود هنا ربط الإسلام بما تحمله الحركات الإسلامية من رؤى أيديولوجية، وممارسات تنحرف عن جوهر المقاصد الإسلامية العليا.
وبالرغم من أنّ جدعان يعترف، بدايةً، بصعوبة المهمة في تحرير الإسلام من هذه المفاهيم والتصورات والممارسات الخاطئة، الممتدة من التاريخ إلى الواقع، إلاّ أنّه يراهن بقوة وبكفاءة على إدراكه الفكري والمعرفي، وشعوره الوجداني، بإمكانية تقديم الفهم الصحيح للإسلام، بما يتجاوز تلك الأغلال والقيود. وهو رهان لا يصدر عن عاطفة مجرّدة، ولا عن متحمّس متأدلج، أو مسلم متعصّب، بل عن مفكّر مشهود له بالموضوعية والمعرفة العميقة بالتراث الإسلامي والفلسفة الغربية، عاش ردحاً طويلاً في أوروبا، ودرس في أفضل الجامعات، وتحظى مؤلّفاته الرصينة بأهمية خاصة وانتشار واسع في الأوساط الفكرية والأكاديمية العربية، وهذا ما يفسّر أهمية الكتاب الجديدة وقيمته ورسالته.
القضية المركزية التي تتوارى وراء فصول الكتاب المتنوعة والمتعددة، المتعلّقة بأبعاد هذه المهمة الكبيرة المتشعبة ما بين قضايا السياسة والمرأة والمجتمع، هذه القضية تتمثّل في تحرير الأرضية المشتركة الصلبة التي تجمع ما بين مقاصد الإسلام وغاياته الأساسية من جهة، وبين القيم الإنسانية العليا من جهةٍ أخرى، مثل: الحرية، والعدل، والكرامة الإنسانية، والرفاهية، والخير العام، والديمقراطية (الحقيقية)، و"الدولة الرحيمة العادلة والنظام السياسي السديد".. إلخ.
من أجل ترسيخ هذه "المساحة المشتركة" المهمة، تمضي فصول الكتاب، وقسماه الرئيسان، في التعريف بالمعاني والمفاهيم الإسلامية في السياسة (بعيداً عن الالتباس بمواقف الحركات الإسلامية الأيديولوجية)، وتحريرها من متعلقات الخرافات والسحر (اللذين يملآن الفضائيات)، والقيم الاجتماعية المتعلّقة بالبداوة، ومواجهة الخطر الكبير في انقسام العالم الإسلامي ما بين السنة والشيعة (حالة شيزوفرينيا)، وتقديم تصوّر حضاري متقدم في موضوعة المرأة والتعددية أو العلاقة مع الآخر، وتلخيص رؤيته لمنهجية التعامل مع النصوص الشرعية (عبر ردّ الاعتبار لمدرسة التأويل الإسلامي) ومع التراث الإسلامي.
أمّا القسم الثاني من الكتاب، فيخصّصه لموضوع رسائل في زمن التحولات، عبر مجموعة من الدراسات الرصينة التي تساعد على تشكيل وبناء موقف إسلامي من قضايا العدالة والحرية والديمقراطية والحداثة والعلمانية الإسلامية ونظريات الطاعة والاختلاف والسلفية ومدارسها، ونظريات الدولة في الفكر الإسلامي.
كلمة أخيرة؛ هذا الكتاب مرجع أساسي ومهم ليس فقط على صعيد الفكر الإسلامي، ولا على صعيد تقديم رؤية عميقة في خضم التحولات الأخيرة فحسب، بل حتى على صعيد بناء فلسفة وطنية عصرية، تخرج بنا من حالة الاستقطاب الإسلامي-العلماني، وسؤال الديني والمجتمعي، لتنبثق عنها رسالة إصلاحية هادفة.
يمكن القول بأنّ الكتاب الجديد يعكس خلاصات من التجربة الفكرية البحثية الطويلة الممتدة للمفكّر الأردني، يضعها بين يديّ القرّاء في لحظة زمنية دقيقة ومهمة (يطلق عليها جدعان مفهوم: زمن التحولات)؛ وهي لحظة الثورات الديمقراطية العربية، التي تعكس حلم التحرر والخروج من نفق الأنظمة المستبدة الطاغية، لكنّها، في الوقت نفسه، محفوفة بالمخاطر، وتحديداً ما يحيط منها بالقوالب والصور النمطية والالتباسات التي أُقحمت على الدين، وهي ليست منه، بفعل عاملين أساسين:
الأول، الهيمنة الغربية الخارجية التي ترمي إلى "حصار الإسلام"، وإعادة تشكيل واقع الاستقرار في التخلّف والعجز والتبعية.
والثاني، قوة الديني-الإسلامي (الضارب في ثلة من المواقف والتخطيطات الطاردة). والمقصود هنا ربط الإسلام بما تحمله الحركات الإسلامية من رؤى أيديولوجية، وممارسات تنحرف عن جوهر المقاصد الإسلامية العليا.
وبالرغم من أنّ جدعان يعترف، بدايةً، بصعوبة المهمة في تحرير الإسلام من هذه المفاهيم والتصورات والممارسات الخاطئة، الممتدة من التاريخ إلى الواقع، إلاّ أنّه يراهن بقوة وبكفاءة على إدراكه الفكري والمعرفي، وشعوره الوجداني، بإمكانية تقديم الفهم الصحيح للإسلام، بما يتجاوز تلك الأغلال والقيود. وهو رهان لا يصدر عن عاطفة مجرّدة، ولا عن متحمّس متأدلج، أو مسلم متعصّب، بل عن مفكّر مشهود له بالموضوعية والمعرفة العميقة بالتراث الإسلامي والفلسفة الغربية، عاش ردحاً طويلاً في أوروبا، ودرس في أفضل الجامعات، وتحظى مؤلّفاته الرصينة بأهمية خاصة وانتشار واسع في الأوساط الفكرية والأكاديمية العربية، وهذا ما يفسّر أهمية الكتاب الجديدة وقيمته ورسالته.
القضية المركزية التي تتوارى وراء فصول الكتاب المتنوعة والمتعددة، المتعلّقة بأبعاد هذه المهمة الكبيرة المتشعبة ما بين قضايا السياسة والمرأة والمجتمع، هذه القضية تتمثّل في تحرير الأرضية المشتركة الصلبة التي تجمع ما بين مقاصد الإسلام وغاياته الأساسية من جهة، وبين القيم الإنسانية العليا من جهةٍ أخرى، مثل: الحرية، والعدل، والكرامة الإنسانية، والرفاهية، والخير العام، والديمقراطية (الحقيقية)، و"الدولة الرحيمة العادلة والنظام السياسي السديد".. إلخ.
من أجل ترسيخ هذه "المساحة المشتركة" المهمة، تمضي فصول الكتاب، وقسماه الرئيسان، في التعريف بالمعاني والمفاهيم الإسلامية في السياسة (بعيداً عن الالتباس بمواقف الحركات الإسلامية الأيديولوجية)، وتحريرها من متعلقات الخرافات والسحر (اللذين يملآن الفضائيات)، والقيم الاجتماعية المتعلّقة بالبداوة، ومواجهة الخطر الكبير في انقسام العالم الإسلامي ما بين السنة والشيعة (حالة شيزوفرينيا)، وتقديم تصوّر حضاري متقدم في موضوعة المرأة والتعددية أو العلاقة مع الآخر، وتلخيص رؤيته لمنهجية التعامل مع النصوص الشرعية (عبر ردّ الاعتبار لمدرسة التأويل الإسلامي) ومع التراث الإسلامي.
أمّا القسم الثاني من الكتاب، فيخصّصه لموضوع رسائل في زمن التحولات، عبر مجموعة من الدراسات الرصينة التي تساعد على تشكيل وبناء موقف إسلامي من قضايا العدالة والحرية والديمقراطية والحداثة والعلمانية الإسلامية ونظريات الطاعة والاختلاف والسلفية ومدارسها، ونظريات الدولة في الفكر الإسلامي.
كلمة أخيرة؛ هذا الكتاب مرجع أساسي ومهم ليس فقط على صعيد الفكر الإسلامي، ولا على صعيد تقديم رؤية عميقة في خضم التحولات الأخيرة فحسب، بل حتى على صعيد بناء فلسفة وطنية عصرية، تخرج بنا من حالة الاستقطاب الإسلامي-العلماني، وسؤال الديني والمجتمعي، لتنبثق عنها رسالة إصلاحية هادفة.
الغد-محمد أبورمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق