القطاع الثالث والفرص السانحة - رؤية مستقبلية
القطاع الثالث هو الممصطلح الذي أطلق على العمل الخيري كمصدر أساسي للحفاظ على المجتمع وتمويل مصادره المتنوعة بعد القطاعين العام والخاص
ولهذا الكتاب أهمية كبرى كدراسة متكاملة مقارنة للعمل الخيري في الغرب وما هو عليه الان مقارنة مع الوقف والعمل الخيري في بلاد المسملين قديما وحديثا
والكتب قيم جدا ونادر في مجاله
يرى المؤلف أن للقطاع الثالث أهمية استراتيجية تعزز مكانته وتبين أهميته, وتكشف هذه الدراسة خطورة غياب هذا القطاع الوطني، وتلك الأهمية تبرز في النقاط التالية:
التصدي للحروب وآثارها:
حيث يوضح الباحث أن القرن الحادي والعشرين ساد فيه نظام الفوضى الخَلاَّقة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية خاصة, حيث زادت الحروب والنزاعات على اختلاف أسبابها، خاصة مع الشعوب والدول الإسلامية، وزاد الطين بلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م؛ حيث أصبحت صناعة الحروب سمة العصر تحت دعاوى الحرب على الإرهاب وغيرها، وكل ذلك أدى إلى نتاجات مؤلمة، كان من أبرزها تضاعف أعداد اللاجئين؛ مما خلق أخطارا وتحديات جديدة وكبيرة، أضف إلى ذلك تنامي الرفض للوجود الإسلامي لدى معظم حكومات الدول الغربية، وما تبعه من تقييد للحقوق والحريات، بل لقد وُضعت الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإسلامية من قبل خصومها هدفا من أهداف مشروع الحرب على الإرهاب؛ مما يُوجب على العالم الإسلامي-الذي يمتلك عناصر قوة، ومنها: ثرواته الفكرية والثقافية والاقتصادية ونموه السكاني والتنوع الجغرافي لدوله، - تحويل دفة الصراع إلى حوار بنَّاء، بدعوة الطرف الآخر (الغربي) إلى تعديل خطابه الديني والسياسي، وتغيير نظرته تجاه العالم الإسلامي، وهذا يتطلب وضع الإستراتيجيات من خلال الدراسات والبحوث المستقلة لتحقيق ذلك على أسس متينة، ومؤسسات القطاع الثالث المتنوعة في أغراضها بأهدافها السلمية وبحضورها العالمي والمحلي بحكم استقلاليتها هي المرشح القوي للقيام بهذا الدور، وبأقل تكلفة معنوية ومادية لتكون سنداً لحكوماتها ودولها دون إدخال الحكومات في حلبة التعصب والصراعات.
استثمار العولمة: يرى المؤلف أن العولمة بما تحمله من نظم تجارة حرة، وانفتاح اقتصادي واجتماعي ووسائل تقنية متنوعة، تحمل في طياتها إيجابيات ضخمة, كما تحمل جوانب سلبية تُمرر عبر أجندات مبرمجة ومعدٍ لها، خاصة الأدوار العالمية للمنظمات الدولية من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت مزاعم التمويل الأجنبي بالمساعدات والمنح، أو نشر ثقافة الحرية الفكرية الغربية، مما يترتب عليه التمرد على القيم الأخلاقية، وما يتبعه من ضياع للأسرة أو تفكيك لها، وغير ذلك مما أصبح الآن واقعاً ملموساً؛ وبالتالي كان لزاما –كما يري المؤلف-أن تعمل الأمة باستثمار إيجابيات العولمة من خلال دعم مؤسسات القطاع الثالث الوطنية؛ لتضطلع الشعوب بالمسؤولية، وتستثمر تقنيات العولمة في دفع الفقر والظلم، واقتناص الفرص الإيجابية، قبل أن تسبقها المؤسسات أو المنظمات عابرة الحدود، تنشر الثقافة المستوردة وتدعمها وتتدخل في شؤون الدول الداخلية، ولا يخفى ما ستجره تلك الثقافة والتدخلات من ويلات وفساد في شتى الميادين، والوقاية خير من العلاج.
استيعاب اليقظة والصحوة(الدينية والسياسية والاجتماعية):
يرى الباحث أن الأمة الإسلامية اليوم تتمتع ببوادر صحوة إسلامية داخلية وخارجية، وهذا الأمر أقلق المجتمعات الغربية؛ فباتت تشكك في هذه الصحوة، وتحذر منها؛ حتى ظهرت مصطلحات مثل: ( الإسلام فوبيا). كما كتب كثير من الكتَّاب الغربيين مؤلفات تحذر من هذه الصحوة، منها: ( بينما نامت أوروبا ـ لـ دبلاي) وكتاب (فرصة للغرب لـ ريجنري)، وغيرها. كما أن ارتفاع منسوب المعرفة لدى الشعوب العربية والإسلامية جعلها تدرك حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية؛ مما حدا ببعض النخب ـ في سبيل المطالبة بهذه الحقوق ـ إلى التمرد على تعاليم الإسلام، والخروج عن ثوابت الأمة. وتطرف آخرون فاستخدموا العنف في التغيير، فكان الطرفان عوامل مساعدة للغرب للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية من خلال المشروع العالمي الجديد (الحرب على الإرهاب). وهذا يتطلب إيجاد الحلول التي ترشِّد تلك اليقظة الدينية والصحوة السياسية وتحتضنها وتستوعبها، وهنا يظهر جهد القطاع الثالث المستقل في العمل على غرس منهج الوسطية والحوار للتوظيف الإيجابي للدوافع الدينية، ونبذ العنف السياسي من قبل التيارات السياسية على حد سواء.
معالجة التعصب الديني والتعامل مع إستراتيجية الآخر:
يطرح الباحث بعض إفرازات العولمة وماعمله العالم الغربي على توجيه سهامه نحو الإسلام، بالطعن تارة، وتشويه تعاليمه ورموزه تارة أخرى، بل وصل الأمر إلى الإساءة إلى خير البشر ـ عليه الصلاة والسلام ـ. وكان هذا التعصب الديني نابعاً من قبل النخب الدينية (فرانكلين/ جيري فالويل... (نماذج) أو السياسية ( دبليو بوش،.. )، متحججين بنشر ثقافة الحرية والديمقراطية، وأن تعاليم الإسلام تشكل خطرا على مباديء الديمقراطية، وديمقراطية السوق, فكان لا بد من دعم العمل الجاد بإستراتيجيات مستقلة عن مؤسسات القطاع الحكومي في دراسة هذه الظواهر، بل وإنشاء المراكز المتخصصة بدراسة الغرب، ومد الجسور مع أنصار الحقيقة والعدل منهم. مما يؤكد ضرورة تنمية برامج وأعمال مؤسسات القطاع الثالث الإسلامي المرشحة لمواجهة هذا العدوان بكل أنواع المقاومة العلمية والإعلامية والدعوية؛ لأن هذا الانفجار الضخم من التحديات المتنوعة والشاملة دينياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، يضع على عاتق جميع الحكومات العربية والإسلامية مسؤولية دعم مؤسسات القطاع الثالث معنوياً وإدارياً ومادياً؛ للعمل على إنشاء مراكز حوارات ومعلومات وترجمة من كل اللغات وإليها، وأخرى للدراسات والبحوث، وإنشاء قنوات وإذاعات ومواقع إعلامية عامة ومتخصصة، وبكل اللغات كذلك، بل ولجميع المستويات والطبقات؛ لمواجهة سوء الفهم, أو الجهل عند بعض الأطراف, ومعالجة التعصب وحب الصراع عند أطراف أخرى.
ويرى الباحث أن الأهمية الإستراتيجية لوجوب وضرورة ميلاد هذا القطاع تتأكد حيث وجوب مساندة مؤسسات القطاع الحكومي في معالجة ظواهر سلبية كثيرة، منها: البطالة، والفقر، والجهل، والمرض، التي تزداد في كثير من دول العالم العربي والإسلامي.
* الفصل الثالث بعنوان ( مباديء ومخاطر):
- القطاع الثالث والمبادئ الدينية:
يرى المؤلف أن مؤسسات القطاع الثالث ترتبط بسياسات دولها، وتلتزم بدستورها، ويضرب على ذلك مثالا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ نظرا لنجاح التجربة الأمريكية في هذا المجال. وقد كان العامل الديني كما قال أحدهم :– " إن المال لله، والأفراد مؤتمنون عليه، وعليهم توجيهه لمصلحة الآخرين" - دافعا رئيسا في تشكيل هذا القطاع في الولايات المتحدة الأمريكية ونجاحه كما أكد ذلك كثير من الباحثين المتخصصين في هذا القطاع من الغربيين.
- القطاع الثالث والفكرة الرئيسة:
يؤكد الباحث أن قوة الدول تكمن في حفاظها على الفكرة الرئيسة التي قامت عليها سواء كانت مدنية عند بعض الدول, أم دينية عند أخرى، لكن الهوية الدينية –أياً كان هذا الدين- هي الدافع الرئيس عند كثير من دول العالم، ولذلك فإن تسخير مؤسسات القطاع الثالث وجمعياته المحلية والعالمية للمصلحة الوطنية يتحقق بتقوية الفكرة الرئيسة للدولة، وخدمة دستورها.
فمثلا القطاع الثالث في الولايات المتحدة الأمريكية ضم أكثر من 1.6 مليون منظمة، وتبرعات سنوية فاقت (316) مليار دولار، ويعمل به (11) مليون موظف، و (90) مليون متطوع والعطاء للدين كان بنسبة 34% من إجمالي العطاء - حسب إحصاء عام 2008م-, وبهذا يتأكد أن نجاح القطاع الثالث عالمياً مرتبط بقوة ارتباطه بالفكرة الرئيسة التي قام عليها الوطن. والعامل والدافع الديني من عوامل نجاح هذا القطاع عالمياً؛ مما انعكس إيجابياً على قوة الدول التي تعمل به, وإن كان الدافع الديني ليس هو الوحيد في نجاحه العالمي.
- القطاع الثالث والقوة السيادية: يوضح المؤلف أن السيادة مطلب للدول، ومن قوة تلك السيادة المحافظة على الفكرة الرئيسة التي قامت عليها الأوطان، وخاصة إذا استندت الفكرة الرئيسة على معتقد ديني ـ كما سبق ـ ، وهنا فإن دعم بقاء وقوة الفكرة الرئيسة للدولة – أية دولة – لا يمكن أن يكون بمؤسسات القطاع الحكومي وحدها، بل إن الجانب التنفيذي لذلك كله هو لمؤسسات القطاع الثالث التي تعمل تحت دستور الدولة ولصالحه. ومن هنا تأتي الأهمية الكبرى لمؤسسات القطاع الثالث لتشكل بكل أنواعها وبرامجها الداخلية والخارجية قوة سيادية وسياسية لدولها، لا سيما حينما تقوم جميع تلك المؤسسات بتعاون وتكامل لدعم الفكرة الرئيسة مع مؤسسات القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص الربحي.
- القطاع الثالث والذراع الدولي: يشكل القطاع الثالث، بذراعيه الداخلي والخارجي، قوة إدارية وسياسية لأية دولة؛ فهو –كما يقول المؤلف- شريك أساسي في تقوية العلاقات الخارجية للدول من خلال المراكز الثقافية والدينية الخارجية، كما أن الذراع الخارجي (جمعيات القطاع الثالث العاملة بلا حدود) تعتبر أداة من أهم أدوات القوة الخارجية لدولها, و تنعكس إيجابياً على القوة الداخلية لها، كما تستطيع الدول من خلالها تسويق إيديولوجياتها. وبقدر ما ترتبط مؤسسات ومنظمات القطاع الثالث بالإيديولوجية الرئيسة لدولها وتكون جزءاً من إستراتيجيتها - كما هو حال دول الشمال- تكون القوة الداخلية والخارجية، وبقدر ما تضعف تلك الرابطة أو تغيب تصبح مؤسسات القطاع الثالث معول هدم لإضعاف الحكومة والدولة، ومدخلاً خارجياً أوداخلياً لإضعاف الفكر والثقافة واللغة وأنماط الحياة الاجتماعية، ليكون الإجهاز على الوحدة الوطنية هو الخطوة التالية.
ويعتبر كل ما سبق مؤكداً لفلسفة التقوي الوطني بمؤسسات القطاع الثالث بأذرعتها الخارجية, ويدعم المؤلف نتائجه هذه بواقع مؤسسات القطاع الثالث الغربي وما حققته من إنجازات داخلية وخارجية.
- المجتمع المدني وخطر الاختراق: يؤكد الباحث من خلال الحقائق استغلال بعض مؤسسات القطاع الثالث الأجنبية اختراق سيادة الدول الوطنية من خلال مؤسسات المجتمع المدني المحلية، إما بالتجسس عليها، أومساندة قوى المعارضة فيها ودعمها (منظمة فيالق السلام الأمريكية في روسيا أنموذجاً)، أو من خلال تكوين نُخَب علمية أو ثقافية أو إعلامية عميلة تسيطر على مؤسسات المجتمع المدني المحلي والمؤسسات الأهلية أو الخيرية، أو تبني القائم منها، أو من خلال توجيه مؤسسات القطاع الثالث المحلية تحت عناوين متنوعة، كالمعونات المادية الأجنبية، ومعونات التدريب أو التعاون، ودعم الديمقراطية، وحقوق الإنسان أو حقوق المرأة, وينبه الباحث إلى مخاطر الاختراق وأنها تزداد حينما لا ترتبط مؤسسات القطاع الثالث بدساتير دولها وتشريعاتها وقيمها التي قامت عليها. ولهذا فإن مؤسسات القطاع الثالث بقدر ما هي وسيلة لتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي والسياسي لدولها، فهي بوابة خطرة على أمن المجتمعات والدول، لا سيما حينما لا يقوم النظام الأساسي لجميع مؤسسات القطاع الثالث المحلية على حماية وتقوية دستور الدولة, أو حينما لا توجد مؤسسات وجمعيات محلية وطنية قوية تكون على مستوى المرحلة.
التصدي للحروب وآثارها:
حيث يوضح الباحث أن القرن الحادي والعشرين ساد فيه نظام الفوضى الخَلاَّقة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية خاصة, حيث زادت الحروب والنزاعات على اختلاف أسبابها، خاصة مع الشعوب والدول الإسلامية، وزاد الطين بلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م؛ حيث أصبحت صناعة الحروب سمة العصر تحت دعاوى الحرب على الإرهاب وغيرها، وكل ذلك أدى إلى نتاجات مؤلمة، كان من أبرزها تضاعف أعداد اللاجئين؛ مما خلق أخطارا وتحديات جديدة وكبيرة، أضف إلى ذلك تنامي الرفض للوجود الإسلامي لدى معظم حكومات الدول الغربية، وما تبعه من تقييد للحقوق والحريات، بل لقد وُضعت الجمعيات والمؤسسات الخيرية الإسلامية من قبل خصومها هدفا من أهداف مشروع الحرب على الإرهاب؛ مما يُوجب على العالم الإسلامي-الذي يمتلك عناصر قوة، ومنها: ثرواته الفكرية والثقافية والاقتصادية ونموه السكاني والتنوع الجغرافي لدوله، - تحويل دفة الصراع إلى حوار بنَّاء، بدعوة الطرف الآخر (الغربي) إلى تعديل خطابه الديني والسياسي، وتغيير نظرته تجاه العالم الإسلامي، وهذا يتطلب وضع الإستراتيجيات من خلال الدراسات والبحوث المستقلة لتحقيق ذلك على أسس متينة، ومؤسسات القطاع الثالث المتنوعة في أغراضها بأهدافها السلمية وبحضورها العالمي والمحلي بحكم استقلاليتها هي المرشح القوي للقيام بهذا الدور، وبأقل تكلفة معنوية ومادية لتكون سنداً لحكوماتها ودولها دون إدخال الحكومات في حلبة التعصب والصراعات.
استثمار العولمة: يرى المؤلف أن العولمة بما تحمله من نظم تجارة حرة، وانفتاح اقتصادي واجتماعي ووسائل تقنية متنوعة، تحمل في طياتها إيجابيات ضخمة, كما تحمل جوانب سلبية تُمرر عبر أجندات مبرمجة ومعدٍ لها، خاصة الأدوار العالمية للمنظمات الدولية من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت مزاعم التمويل الأجنبي بالمساعدات والمنح، أو نشر ثقافة الحرية الفكرية الغربية، مما يترتب عليه التمرد على القيم الأخلاقية، وما يتبعه من ضياع للأسرة أو تفكيك لها، وغير ذلك مما أصبح الآن واقعاً ملموساً؛ وبالتالي كان لزاما –كما يري المؤلف-أن تعمل الأمة باستثمار إيجابيات العولمة من خلال دعم مؤسسات القطاع الثالث الوطنية؛ لتضطلع الشعوب بالمسؤولية، وتستثمر تقنيات العولمة في دفع الفقر والظلم، واقتناص الفرص الإيجابية، قبل أن تسبقها المؤسسات أو المنظمات عابرة الحدود، تنشر الثقافة المستوردة وتدعمها وتتدخل في شؤون الدول الداخلية، ولا يخفى ما ستجره تلك الثقافة والتدخلات من ويلات وفساد في شتى الميادين، والوقاية خير من العلاج.
استيعاب اليقظة والصحوة(الدينية والسياسية والاجتماعية):
يرى الباحث أن الأمة الإسلامية اليوم تتمتع ببوادر صحوة إسلامية داخلية وخارجية، وهذا الأمر أقلق المجتمعات الغربية؛ فباتت تشكك في هذه الصحوة، وتحذر منها؛ حتى ظهرت مصطلحات مثل: ( الإسلام فوبيا). كما كتب كثير من الكتَّاب الغربيين مؤلفات تحذر من هذه الصحوة، منها: ( بينما نامت أوروبا ـ لـ دبلاي) وكتاب (فرصة للغرب لـ ريجنري)، وغيرها. كما أن ارتفاع منسوب المعرفة لدى الشعوب العربية والإسلامية جعلها تدرك حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية؛ مما حدا ببعض النخب ـ في سبيل المطالبة بهذه الحقوق ـ إلى التمرد على تعاليم الإسلام، والخروج عن ثوابت الأمة. وتطرف آخرون فاستخدموا العنف في التغيير، فكان الطرفان عوامل مساعدة للغرب للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية من خلال المشروع العالمي الجديد (الحرب على الإرهاب). وهذا يتطلب إيجاد الحلول التي ترشِّد تلك اليقظة الدينية والصحوة السياسية وتحتضنها وتستوعبها، وهنا يظهر جهد القطاع الثالث المستقل في العمل على غرس منهج الوسطية والحوار للتوظيف الإيجابي للدوافع الدينية، ونبذ العنف السياسي من قبل التيارات السياسية على حد سواء.
معالجة التعصب الديني والتعامل مع إستراتيجية الآخر:
يطرح الباحث بعض إفرازات العولمة وماعمله العالم الغربي على توجيه سهامه نحو الإسلام، بالطعن تارة، وتشويه تعاليمه ورموزه تارة أخرى، بل وصل الأمر إلى الإساءة إلى خير البشر ـ عليه الصلاة والسلام ـ. وكان هذا التعصب الديني نابعاً من قبل النخب الدينية (فرانكلين/ جيري فالويل... (نماذج) أو السياسية ( دبليو بوش،.. )، متحججين بنشر ثقافة الحرية والديمقراطية، وأن تعاليم الإسلام تشكل خطرا على مباديء الديمقراطية، وديمقراطية السوق, فكان لا بد من دعم العمل الجاد بإستراتيجيات مستقلة عن مؤسسات القطاع الحكومي في دراسة هذه الظواهر، بل وإنشاء المراكز المتخصصة بدراسة الغرب، ومد الجسور مع أنصار الحقيقة والعدل منهم. مما يؤكد ضرورة تنمية برامج وأعمال مؤسسات القطاع الثالث الإسلامي المرشحة لمواجهة هذا العدوان بكل أنواع المقاومة العلمية والإعلامية والدعوية؛ لأن هذا الانفجار الضخم من التحديات المتنوعة والشاملة دينياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، يضع على عاتق جميع الحكومات العربية والإسلامية مسؤولية دعم مؤسسات القطاع الثالث معنوياً وإدارياً ومادياً؛ للعمل على إنشاء مراكز حوارات ومعلومات وترجمة من كل اللغات وإليها، وأخرى للدراسات والبحوث، وإنشاء قنوات وإذاعات ومواقع إعلامية عامة ومتخصصة، وبكل اللغات كذلك، بل ولجميع المستويات والطبقات؛ لمواجهة سوء الفهم, أو الجهل عند بعض الأطراف, ومعالجة التعصب وحب الصراع عند أطراف أخرى.
ويرى الباحث أن الأهمية الإستراتيجية لوجوب وضرورة ميلاد هذا القطاع تتأكد حيث وجوب مساندة مؤسسات القطاع الحكومي في معالجة ظواهر سلبية كثيرة، منها: البطالة، والفقر، والجهل، والمرض، التي تزداد في كثير من دول العالم العربي والإسلامي.
* الفصل الثالث بعنوان ( مباديء ومخاطر):
- القطاع الثالث والمبادئ الدينية:
يرى المؤلف أن مؤسسات القطاع الثالث ترتبط بسياسات دولها، وتلتزم بدستورها، ويضرب على ذلك مثالا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ نظرا لنجاح التجربة الأمريكية في هذا المجال. وقد كان العامل الديني كما قال أحدهم :– " إن المال لله، والأفراد مؤتمنون عليه، وعليهم توجيهه لمصلحة الآخرين" - دافعا رئيسا في تشكيل هذا القطاع في الولايات المتحدة الأمريكية ونجاحه كما أكد ذلك كثير من الباحثين المتخصصين في هذا القطاع من الغربيين.
- القطاع الثالث والفكرة الرئيسة:
يؤكد الباحث أن قوة الدول تكمن في حفاظها على الفكرة الرئيسة التي قامت عليها سواء كانت مدنية عند بعض الدول, أم دينية عند أخرى، لكن الهوية الدينية –أياً كان هذا الدين- هي الدافع الرئيس عند كثير من دول العالم، ولذلك فإن تسخير مؤسسات القطاع الثالث وجمعياته المحلية والعالمية للمصلحة الوطنية يتحقق بتقوية الفكرة الرئيسة للدولة، وخدمة دستورها.
فمثلا القطاع الثالث في الولايات المتحدة الأمريكية ضم أكثر من 1.6 مليون منظمة، وتبرعات سنوية فاقت (316) مليار دولار، ويعمل به (11) مليون موظف، و (90) مليون متطوع والعطاء للدين كان بنسبة 34% من إجمالي العطاء - حسب إحصاء عام 2008م-, وبهذا يتأكد أن نجاح القطاع الثالث عالمياً مرتبط بقوة ارتباطه بالفكرة الرئيسة التي قام عليها الوطن. والعامل والدافع الديني من عوامل نجاح هذا القطاع عالمياً؛ مما انعكس إيجابياً على قوة الدول التي تعمل به, وإن كان الدافع الديني ليس هو الوحيد في نجاحه العالمي.
- القطاع الثالث والقوة السيادية: يوضح المؤلف أن السيادة مطلب للدول، ومن قوة تلك السيادة المحافظة على الفكرة الرئيسة التي قامت عليها الأوطان، وخاصة إذا استندت الفكرة الرئيسة على معتقد ديني ـ كما سبق ـ ، وهنا فإن دعم بقاء وقوة الفكرة الرئيسة للدولة – أية دولة – لا يمكن أن يكون بمؤسسات القطاع الحكومي وحدها، بل إن الجانب التنفيذي لذلك كله هو لمؤسسات القطاع الثالث التي تعمل تحت دستور الدولة ولصالحه. ومن هنا تأتي الأهمية الكبرى لمؤسسات القطاع الثالث لتشكل بكل أنواعها وبرامجها الداخلية والخارجية قوة سيادية وسياسية لدولها، لا سيما حينما تقوم جميع تلك المؤسسات بتعاون وتكامل لدعم الفكرة الرئيسة مع مؤسسات القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص الربحي.
- القطاع الثالث والذراع الدولي: يشكل القطاع الثالث، بذراعيه الداخلي والخارجي، قوة إدارية وسياسية لأية دولة؛ فهو –كما يقول المؤلف- شريك أساسي في تقوية العلاقات الخارجية للدول من خلال المراكز الثقافية والدينية الخارجية، كما أن الذراع الخارجي (جمعيات القطاع الثالث العاملة بلا حدود) تعتبر أداة من أهم أدوات القوة الخارجية لدولها, و تنعكس إيجابياً على القوة الداخلية لها، كما تستطيع الدول من خلالها تسويق إيديولوجياتها. وبقدر ما ترتبط مؤسسات ومنظمات القطاع الثالث بالإيديولوجية الرئيسة لدولها وتكون جزءاً من إستراتيجيتها - كما هو حال دول الشمال- تكون القوة الداخلية والخارجية، وبقدر ما تضعف تلك الرابطة أو تغيب تصبح مؤسسات القطاع الثالث معول هدم لإضعاف الحكومة والدولة، ومدخلاً خارجياً أوداخلياً لإضعاف الفكر والثقافة واللغة وأنماط الحياة الاجتماعية، ليكون الإجهاز على الوحدة الوطنية هو الخطوة التالية.
ويعتبر كل ما سبق مؤكداً لفلسفة التقوي الوطني بمؤسسات القطاع الثالث بأذرعتها الخارجية, ويدعم المؤلف نتائجه هذه بواقع مؤسسات القطاع الثالث الغربي وما حققته من إنجازات داخلية وخارجية.
- المجتمع المدني وخطر الاختراق: يؤكد الباحث من خلال الحقائق استغلال بعض مؤسسات القطاع الثالث الأجنبية اختراق سيادة الدول الوطنية من خلال مؤسسات المجتمع المدني المحلية، إما بالتجسس عليها، أومساندة قوى المعارضة فيها ودعمها (منظمة فيالق السلام الأمريكية في روسيا أنموذجاً)، أو من خلال تكوين نُخَب علمية أو ثقافية أو إعلامية عميلة تسيطر على مؤسسات المجتمع المدني المحلي والمؤسسات الأهلية أو الخيرية، أو تبني القائم منها، أو من خلال توجيه مؤسسات القطاع الثالث المحلية تحت عناوين متنوعة، كالمعونات المادية الأجنبية، ومعونات التدريب أو التعاون، ودعم الديمقراطية، وحقوق الإنسان أو حقوق المرأة, وينبه الباحث إلى مخاطر الاختراق وأنها تزداد حينما لا ترتبط مؤسسات القطاع الثالث بدساتير دولها وتشريعاتها وقيمها التي قامت عليها. ولهذا فإن مؤسسات القطاع الثالث بقدر ما هي وسيلة لتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي والسياسي لدولها، فهي بوابة خطرة على أمن المجتمعات والدول، لا سيما حينما لا يقوم النظام الأساسي لجميع مؤسسات القطاع الثالث المحلية على حماية وتقوية دستور الدولة, أو حينما لا توجد مؤسسات وجمعيات محلية وطنية قوية تكون على مستوى المرحلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق