الخطاب السياسي الإسلامي ومعضلة الدولة الحديثة
ولد
الخطاب الإسلامي الحديث مسكونا بهاجس إعادة بناء الدولة الإسلامية منذ
بواكيره، وذلك بسبب الصدمة العنيفة التي ولدها الاجتياح الاستعماري الغربي،
وما تبع ذلك من تفكيك متتال لأسس الإجماع الأهلي ومباني الشرعية
التقليدية.
وقد
جاءت صدمة إلغاء الخلافة العثمانية في تركيا سنة 1924 مشفوعة بإعلان
علمانية الدولة ليدفع بالمشغل السياسي، وعلى رأس ذلك مطلب الدولة الإسلامية
إلى صدارة أجندة تيار الإسلام المعاصر، وذلك خلافا للحركة الإحيائية
الإسلامية للقرن التاسع عشر التي تركز مجهودها الأعظم على إنقاذ ما يمكن
إنقاذه من عرى الشرعية السياسية الإسلامية ممثلة في الكيان العثماني المنهك
وقتها ومواجهة التهديد الغربي المتفاقم، كما هو شأن السيد جمال الدين
الأفغاني والشيخ محمد عبده وبقية تلاميذهما في الشرق والغرب الإسلاميين.
في مواجهة الموجة المتجهة إلى عزل الإسلام
عن الشأن السياسي ومشاغل العصر نزع الخطاب الإسلامي الحديث إلى رفع شعار
الدولة الإسلامية وإكسائها الفضائل الأخلاقية والسياسية بصورة غير مسبوقة
"
"
تأسست الدولة الحديثة على ادعاءات شمولية
واسعة النطاق، من ذلك مقولات السيادة العلوية والمطلقة لهذه الدولة، ومبدأ
الطاعة والخضوع الكاملين، إلى جانب احتكار ومركزة أدوات العنف بيدها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق