الجمعة، 21 مارس 2014

السياسة التعليمية والتوجه الأيديولوجي

السياسة التعليمية والتوجه الأيديولوجي فى جمهورية مصر العربية
قبل عام ١٩٧٣ ومابعده
( دراسة مقارنة عبرتاريخية )

دكتور /خالد حافظ








اعتبرت مصر التعليم مشروعها القومى الأكبر ، وجعلته أولى الأولويات القومية وركيزة الأمن
القومى، كما اعتبرت التعليم ركيزة أساسية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لذا تتعاظم الدعوة
لإصلاح وتقويم النظام التعليمي ؛ نظرا لما يواجهه المجتمع المصري من تغيرات عميقة وسريعة على
الصعيدين المحلي والعالمى . فعلى الصعيد المحلي قامت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ؛ لتسقط نظاما سياسيا
مستبدا , وتنطلق نحو المستقبل برؤية جديدة . وعلى الصعيد العالمي تتجلى العولمة والتطور السريع
للعلوم والتكنولوجيا ونشوء مجتمع المعرفة ، والتى ترتب عليها تغيرات جوهرية سياسية واقتصادية ؛
مما أحدث تغييرا فى نظم العمل ؛ أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بجانب الأزمات التنموية والبيئية في
العالم .
وقد انعكست كل هذه التحديات على السياسة التعليمية في مصر سلبا وإيجابا , الأمر الذى يتطلب
مراجعة فاحصة لمجمل مسيرة النظام التعليمى في مصر ، وأخذ العبر والدروس من الجهود السابقة
التى بذلت لرفع كفاءة نظام التعليم ، حتى تنطلق المسيرة نحو المستقبل على أسس ومعايير علمية
لمواجهة تلك التحديات والمخاطر، ففهم التاريخ واستيعابه يفسر الحاضر الذى نعيشه ، فالحاضر ابن
الماضى ، والمستقبل المنظور هو وليد تفاعل كل من الماضى والحاضر.
فمسيرة التعليم متشابكة فى علاقة جدلية مع قوى المجتمع المهيمنة على السياسة والاقتصاد
والتراتب الاجتماعى ، ومع مواقع السلطة المتمثلة فيما ترمز له مؤسسة الدولة ، وما ترسمه من
توجهات فى إدارة المجتمع ، ومن ثم فإن معالجة حركة التعليم فى عمقها هى من صميم القضايا
. ( السياسية فى المقام الأول وفى التحليل الأخير ( ١

وبذلك ترتبط السياسة التعليمية بالقيادة السياسية ارتباطا مباشرا , الأمر الذي يحتاج إلى تحليل
العلاقة بين السياسة التعليمية وتوجهات النظام السياسي . فقد مرت السياسة التعليمية فى مصر
بتغييرات متعددة , منذ ثورة يوليو ١٩٥٢ وحتى ثورة يناير ٢٠١١ , على إثر تغيير النظام السياسي
المصري توجهاته الأيديولوجية من الاشتراكية إلى الرأسمالية ؛ مما أثر بشكل كبير على حركة التعليم
فى مصر.
ومصر بحكم موقعها الاستراتيجي وتاريخها العريق ؛ تتأثر بمجريات الأحداث الدولية , فحين
أسفرت الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥ عن ظهور قوتين عظميين في العالم : الولايات المتحدة
ومعها أوربا الغربية ، ذات التوجه الأيديولوجي الليبرالي, والاتحاد السوفيتي ومعه أوربا
الشرقية ، ذات التوجه الأيديولوجي الاشتراكي ؛ بدأت عملية استقطاب من الدول الكبرى نحو مصر .
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ؛ قامت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ تعلن عن نفسها من خلال عدة
مبادئ من أهمها القضاء على الاستعمار , القضاء على الإقطاع , إقامة حياة ديمقراطية سليمة , إقامة
عدالة اجتماعية . " وتأرجح فكر الضباط الأحرار ما بين الاتجاه الإسلامي والاتجاه الماركسي ؛ مما
يوضح أن حركة الضباط الأحرار لم تكن تمثل كيانا أيديولوجيا موحدا ، بل عرفت في داخلها أكثر من
اتجاه وأكثر من تيار ، وانعكس ذلك على مجلس قيادة الثورة الذي امتلك سلطة القرار الأخير في
، المجالين التشريعي والتنفيذي في مصر خلال المرحلة الانتقالية من يناير ١٩٥٣ إلى يناير ١٩٥٦
والذي ضم بدوره عدة تيارات أيديولوجية أدت إلى بروز خلافات بين أعضائه وإلى تصفيات داخلية .
(١) "
ثم استقر الأمر أن يسير نموذج التنمية في مصر على طريق النمو الاشتراكي (•) " يؤكد ذلك
البيان الذى ألقاه عبد المنعم القيسونى عن الحكومة… إنه بسبب ظروف محلية وإقليمية وعالمية اتجهت
( الدولة إلى إعلان التنمية استنادا إلى الأيديولوجيا الاشتراكية.( ٢
وفي ضوء ما سبق , بدأت السياسة التعليمية تلعب دورا مجتمعيا , من خلال رفع شعار العدالة
الاجتماعية وتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية . وسيطرت الدولة على جهاز التعليم ، باعتباره أداة لبث
توجهاتها وأفكارها وجذب الطبقات الصغيرة والوسطى للأيديولوجية الجديدة . وفى الفترة من عام
١٩٦١ برز عنصر التخطيط , ومحاولة ربط التعليم بخطط التنمية المزمع تنفيذها والنظر إلى -٥٧
١٩٧٤ ، تبلورت السياسة التعليمية بشكل كاف , - التعليم باعتباره استثمار بشرى ، وفي الفترة ١٩٦٢
ونظرت إلى التعليم باعتباره أداة أيديولوجية للترويج للنظام ، واعتباره أداة لسد النقص فى العمالة
( الماهرة والفنية ، بعد عمليات التأميم والتمصير




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق